بحث

11/06/2014

الحائط القصير




كنت في طريق العودة إلى البيت..
وكالعادة..كان تفكيري كله منصب على التأمل في الشمس..
ومناقشة بعض المواضيع الكونية الفارغة..
لا لحاجة سوى تحويل تركيزي عن المشاهد المقرفة التي تصادفني في الشارع..
حتى لا أصاب بالإكتئاب..
أصبحت داخل حدود الحي..
وهذا يعني بالأساس بداية مساطر إمضاء الملفات (طبيع الضواسا)..
فثمة أشخاص نجدهم دائما جاثمين في نفس الأماكن لا يغيرونها..
لا في الشتاء ولا في الصيف..
لدرجة أنك قد تعتقد أنهم يعملون كجواسيس لصالح قوة فضائية 
تستعد لغزو الحي!..
ما علينا..
الحاج “فلان” يقف عند باب العمارة..
ممتاز..سأسلم عليه..
لكن..إبنته الشابة شبه العارية تقف بجانبه..
إستحييت.. فأنا لا أريد أن أحرجه..
سأقوم بشراء بعض الأغراض ثم أعود للبيت..
يؤسفني مشاهدة مثل هذه التناقضات الصارخة في مجتمعي..
لكن الغالب الله..
حاج لا يتغيب أبدا عن صلاة الفجر..
أو حاجّة معروفة بصلاحها وإيمانها..
وتجد بناتهم أقل ما يمكن القول في حقهن أنهن عارضات أزياء محترفات..
ولا يحرك ذلك ساكنا في كيانهما..
حسنا..لا داعي لتشغيل أسطواناتك عن الحرية والإقتناع و الخصوصيات..
فهذه ليست سوى بنات أفكار تجول بخاطري تعرض أزياءها بدورها!
المهم..
أستحييت احتراما للحاج..وبدلت ساعة بأخرى..
أذن المؤذن إيذانا بصلاة المغرب..
توجهت إلى المسجد..أقيمت الصلاة..فالتفت..
إحزروا من كان عن يميني أثناء الصلاة؟..
"إنه الحاج "فلان..
أديت فريضتي.. وبعد السلام..
أستدار الحاج “فلان” نحوي..
وبدأ يشرح لي كيف أن طريقتي في التشهد خاطئة!!..
وتابع يوضح لي الصواب ويستعرض الدليل تلو الآخر..
تأملته جيدا وهو يتحدث بكل ثقة..
وبدأت أتخيل نفسي أحد محاربي النينجا..
بزي برتقالي (ما شي شغلك اللون)..
أمزقه بأسلحتي العجيبة وأرديه أرضا..
ثم أتحـول إلى العميل رقم 007..
فأفرغ فيه جميع رصاصات مسدسي..
ثم أتحـول إلى أحد مصارعي الرومان..
فأجتث رأسه..ثم أعلقه على باب المسجد..
ليكون عبرة لمن يخشى..
أنهى كلامه..وأنهيت مافي مخيلتي..
شكرته على نصيحته..
فأحس بغبطة لم تلبث أن ظهرت على تقاسيم وجهه..
تفهمت مـوقفه..
فلقد قام بتغيير “المنكر”..وليس أي منكر..
الأمة مدينة له بصنيعه..وقد فاز بالأجر والثـواب..
غادرت المسجد مستخرجا هاتفي الذكي من جيبي..
لكي أسجل في المفكرة ضرورة القيام بزيارة عاجلة لطبيب نفسي..
فقد باث من الـلازم معالجة أفكاري العدوانية الإنتقامية..

إنتهى*

————
*لا يتبع

0 تعليقات :