بحث

22/08/2015

مشروع النهضة - فهم التاريخ : أسئلة إلى الدكتور جاسم سلطان






السلام عليكم دكتور جاسم،وبعد،
فقدت تابعت الحلقات الأولى من سلسلة النهضة..
وأعجبت كثيرا بمنهجيتكم في الطرح وتوازن خطابكم..
واستفدت كثيرا مما تتخللها من معلومات ومعارف..
وأنصح كل من يهتم بمستقبل هذه الأمة بالإنخراط في هذا
المشر
وع النهضوي الحضاري.
لقد أوصيتم بمناقشة الحلقات، وجعلتم عمود النهضة الفقري
هو: طرح الأسئلة، ومراجعة الموروث الثقافي والعقدي الخاص بنا
كأفراد
ومجتمعات. وأجد نفسي ملزما كمهتم بمشروع النهضة..
ولم لا كمشارك فيه، أن أ
طرح ملحوظة حول معلومة سيقت في
قصة الإنسان ال
واردة في حلقة فهم التاريخ.

فقد بدأتم بسرد قصة الإنسان استنادا على الرواية الغربية الأكادمية
التي تجعل نقطة البداية من الإنسان القديم أو الإنسان الحجري الذي
يصوره العلم / التاريخ الغربي كمخلوق بدائي غريزي شبه بهيمي
تحركه غرائز الأكل
والشرب والتوالد وتحفزه ظروف عيشه للإبتكار
للبقاء على قيد الحياة. 

نعم، تحدثم عن إنسان النياندرتال الذي يصوره العلم الغربي كمخلوق
مشوه الوجه، أقرب ما يكون إلى حفيد قرد. وقد نخوض معا في نقاش
طويل قد يكون مثمرا أو عقيما حول المناهج العلمية والطرق المخبرية
المجربة التي استعملها الباحثون، وجعلتهم يخلصون إلى هذه النتيجة
"العلمية" (أن الإنسان الأول كان كان بهذا الشكل). لكن في النهاية
لا يمكن إلا أن نعترف إلا أن هذه النتيجة والتي أصبحت بالنسبة للكثيرين
حقائق
ومسلمات علمية لا تقبل النقاش، ما هي إلا نظرية بينت على
نظرية غير مجربة وبعض الجماجم المتفرقة هنا وهناك.
الحقيقة الموثقة لدينا كمسلمين، هي أن الإنسان الأول خلق في أحسن تقويم، 
وفُضل على باقي الخلائق بالعقل، وتم تزويده بالعلم الكامل حتى قبل نزوله
كآخر مخلوق فضائي يستعمر الآرض. وما يهمنا في هذه الحقيقة، هو
حقيقة العلم شبه الشامل الذي كان يتميز به الإنسان والذي يمكن البرهنة
عليه بعدة إنجازات حققها وذريته في القرون الأولى لاستيطانهم الأرض.  
وقد يكون أهم إنجاز يوثق لذلك، الإنجاز الذي تم تحقيقه في الجيل الثالث
من حفدة الإنسان الأول، ألا وهو: صناعة الفلك. فالفلك الذي يعتقد الكثيرون
مجرد سفينة حملت بعض الحيوانات، كان في الحقيقة مركبة أشبه بكثير
بالغواصة التي نعرفها اليوم مصنعة ومجهزة لخوض أكبر طوفان عرفته
الأرض. الطوفان الذي، ولأمر ما، لم يستطع العلم الحديث إثبات حدوثه
وحيتياته، بل لا يتطرق إليه أصلا، رغم أن نفس العلم يجزم ب "حقائق"
لظ
واهر طبيعية أخرى حدثت حسب زعمه منذ ملاييــــــــــــر السنين، 
 ويعطي تفاصيل وقوعها، والنتائج التي ترتبت عنها.

الشاهد من الكلام، أنه بمنطق العقل،
وبمقاييس العلم، من المستحيل تماما
أن يستطيع الحفيد الثالث لإنسان الأول، إذا كان فعلا يعيش في الكهوف  
ويقتات على الصيد، والذي اتخذتموه كمركز للمعلم الذي بنيتم عليه السياق
التاريخي للبشر على ظهر الأرض، أن يصنع غ
واصة تتسع لكل أصناف
المخلوقات، وأن يفكر في إنقاذ جميع فصائل الكائنات من الإنقراض.
إذا لم يقبل العقل هذه، فبالأحرى أن لا يقبل فكرة أن لا يتطرق العلم الحديث
لهذا الإنجاز التاريخ للإنسان الأول. ويحق له أن يتساءل:
- لماذا يهمش العلم الحديث هذا الإنجاز البشري؟ 
- لماذا يصر العلم الحديث "المحايد" في منهجيته العلمية التجريبية، والقابل 
لكل الفرضيات، على تفادي بعض المحطات التاريخية في تاريخ البشر على 
الأرض، خصوصا تلك المحطات التي كان فيها اتصال مع السماء؟
- لماذا يصر علماء التاريخ وباقي العلوم على اختصار البدايات الأولى لتاريخ 
البشر في مجتمع الصيد ثم الرعي، ويقفز مباشر إلى المجتمع اليوناني الراقي
حيث البنايات العملاقة التي تحترم النسبة الذهبية في هندستها، والمنظومة 
السياسية والإقتصادية المتكاملة التي تؤطر الحياة داخل المجتمع، وحيث التفكير 
الجاد والإستراتجي لاستعمار الأرض على نطاق واسع؟
- هل تجدون أصلا فكرة تحول الإنسان الراعي البدوي، الذي همه الحفاظ على
نعاجه من الذئب، بهذا الشكل المباشر إلى إنسان راقي أرستقراطي يعيش ترفا 
فكريا يتمثل في الفلسفة أمرا عاديا يقبله العقل؟ 
- والأهم من هذا كله، هل يمكني كمتلقي يعتمد على المنطق والعقل أن أثق بهكذا 
علم يعتمد الإزداوجية في تعاطيه للحقائق، ويجعل من نظريات علمية واهية 
مسلمات لا يمكن مراجعتها ولا الطعن فيها؟ 

لقد، وضعتم فهم التاريخ كركيزة أساسية لفهم واقعنا ومنه لفهم أسباب تخلفنا، والتي 
كما تفضلتم وفصلتم ترجع بالأساس إلى بناء منظومتنا الفكرية على أساطير 
ورثناها او ابتدعناها لتبرير ظروف ألفناها ونريد الحفاظ عليها، ونعجز أو نتكاسل
على تغييرها. ورهنتم مستقبل هذه الأمة بقدرتها على طرح أسئلة جريئة تضع 
في المحك كل ما يتوفر لديها من رصيد معرفي.
مداخلتي المتواضعة هذه تصب في نفس السياق. فإذا كنا نريد نهضة 
حقيقة فعلا، فعلينا كمرحلة أولى أن نهدم كل الأسس الباطلة التي بنيت عليها حضارتنا 
المتهالكة. وعلينا كذلك كمرحلة ثانية أن نتأكد أن الأسس البديلة ليست هي كذلك 
مبنية على باطل. وإلا فسنكون كمن هو باسط كفه إلى الماء ليبلغ فاه. 
وما هو ببالغ. 
والسلام
مرفق:

لكل من يود الإلتحاق بهذا المشروع يدخل على هذا الرابط:  مشروع النهضة


http://share.payoneer-affiliates.com/v2/share/6190675914621967443
 
 



0 تعليقات :